النظام الأساسي

 

  • يأتي النظام الأساسي الخاص بالموارد البشرية العاملة بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لِيجسد صلاحية الهيئة، التي تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، في وضع نظام لتدبير مواردها البشرية من شأنه أن يمكنها من التوفر على الكفاءات الضرورية وآليات تدبيرها وتأطيرها بما يتلاءم مع متطلبات النجاعة والفعالية اللازمتين للنهوض بالمهام التي أوكلت للهيئة بمقتضى القانون رقم 19ـ46.

 

  • وقد تمت بلورة هذا النظام الأساسي، المؤطر بهذه المرجعية القانونية، وفق منظور شمولي يستوعب، بالإضافة إلى المقتضيات المنظِّمة للمسار المهني للموارد البشرية، المقتضياتِ المتعارف عليها في مجالات تأطير الحقوق والواجبات، وتنظيم مختلف الوضعيات داخل الهيئة والعلاقات التي تهيكلها، وإقرار نظام تأديبي يسهر على احترام القواعد والقيم، بما يضمن شمولية أبعاد هذا النظام الأساسي وتوافق بنائه مع المرجعية الدستورية والقانونية.

 

  • وأخذا بعين الاعتبار لخصوصيات المهام والمسؤوليات الموكلة للهيئة والمستلزمات المنتظرة من مواردها البشرية تبعا لذلك فيما بتعلق بالاضطلاع بهذه المهام بحنكة وكفاءة، أرسى هذا النظام الأساسي إطارا وظيفيا يعتمد مبادئ الأداء والتقييم على أساس الإنجازات ودرجة تحقيق الأهداف وتثمين الاستحقاق. ويهدف وضع هذا النظام الأساسي إلى توفير شروط جذابة ومحفزة بغية استقطاب أفضل الكفاءات، وحشد الطاقات، وتشجيع بروز خبرات متطورة قادرة على رفع التحديات التي تفرضها جسامة مهام ومسؤوليات الهيئة والأهداف الاستراتيجية المرتبطة بها.

 

  • ولهذا الغرض، وضع هذا النظام الأساسي، في قسمه الأول المتعلق بالموارد البشرية من غير فئة مأموري الهيئة، أحكاما تنظيمية تؤطر تدبير التوظيف وتطور المسار المهني والترقية والتقييم، وذلك وفقا لاحتياجات الهيئة فيما يتعلق بتنوع وخصوصية الكفاءات المتعين تعبئتها لمواكبة تزايد عبء العمل وتطور الحاجيات والابتكار الذي تتطلبه مِهن الهيئة ووظائفها. وتسوغ هذه الخصوصيات اعتماد نظام أساسي خاص يمكن الهيئة من إطار ييسر اعتماد تدبير ديناميكي لمواردها البشرية، من خلال ترشيد استخدام المناصب المالية المتاحة لها، وتنظيم حركية الموارد وإعادة توزيعها، وتقييم هذه الموارد وفق معايير أداء قابلة للقياس في إطار منظومة للتدرج والترقي قائمة على النتائج الملموسة ومحفزة على التوثب والمثابرة.

 

  • وبالنسبة للفئة الثانية من الموارد البشرية للهيئة والمتمثلة في فئة المأمورين، فقد أفرد لهم هذا النظام الأساسي، تنزيلا لمقتضيات القانون رقم 46.19، قسما خاصا يضبط وضعيتهم النظامية بما يتناسب، من جهة، مع المهام الموكلة لهم في مجال تلقي ودراسة الشكايات والتبليغات والقيام بالأبحاث والتحريات وإنجاز المحاضر، ويتلاءم، من جهة ثانية، مع وضعهم القانوني الذي رسخه القانون المشار إليه أعلاه. وهكذا، أقرَّ هذا النظام الأساسي لمأموري الهيئة حقوقا ورتب عليهم واجبات تنسجم مع طبيعة وخصوصيات مهامهم. كما اعتمد هذا النظام الأساسي منظومة وظيفية قائمة على الأداء والمردودية والحماية والرقابة الواجبة قصد ضمان حقوق الأشخاص المعنيين بتدخلهم.

 

  • كل هذه المعطيات المؤطرة لهذا النظام الأساسي تُبرز أهميته فيما يتعلق بأخذ خصوصيات الموارد البشرية للهيئة بعين الاعتبار ومواكبة تنزيل مهام الهيئة واختصاصاتها الدستورية والقانونية، خاصة المهام ذات الصلة باقتراح التوجيهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته وتعبئة مختلف مكونات المجتمع ضد الفساد، بالإضافة إلى المهام المنوطة بالمرصد في مجال تعميق المعرفة بظاهرة الفساد والمهام الموكلة لجهاز مأموري الهيئة فيما يتعلق بالقيام بالأبحاث والتحريات وإنجاز المحاضر؛ وكلها مهام تظل نجاعتُها وفعاليتها رهينة بإرساء نظام أساسي خاص قائم على الاستهداف والأداء وتحقيق الأهداف، مع توفير ضمانات تتعلق بإقرار معايير موضوعية لاستقطاب الكفاءات وتطويرها، وتوفير شروط العمل المثلى لها، وتقييمها وتتبع إنجازاتها، وتثمين قدراتها، مع الاحتفاظ بهامش استقلالية موضوعي يضمن نطاقا واسعا للعمل ونجاح هذا النظام الأساسي.