
لقد أكدت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها دوما على أهمية الحصول على المعلومات كأحد العوامل الرئيسية لتعزيز قيم النزاهة والشفافية والحكامة الرشيدة.
وقد تعززت هذه القناعة بعد دخول القانون رقم 31-13 المتعلق بحق الحصول على المعلومات حيز التنفيذ في مارس 2019. وتحقيقا لهذه الغاية، أطلقت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ورش تفكير يهدف إلى تحديد كيفية اشتغال منظومة الحصول عاى المعلومات داخل الهيئة وتفعيلها، وذلك من خلال اتخاذ الإجراءات والتدابير التالية:
في إطار تفعيل منظومة الحصول على المعلومات داخل الهيئة، تم تعيين لجنة مسؤولة عن هذه المهمة بقرار رئيس الهيئة، وذلك طبقا لمنشور رئيس الحكومة عدد 2 مؤرخ في 25 دجنبر 2018، وتضطلع هذه اللجنة، التي تضطلع أساسا بدور استشاري، تقديم الدعم للمسؤول عن الحصول على المعلومات. وتتكون هذه اللجنة من أربعة ممثلين للهياكل التنظيمية للهيئة المسؤولة عن:
الشؤون القانونية
التواصل
التوثيق والأرشفة
نظم المعلوميات.
يؤطر عمل لجنة الحصول على المعلومات نظام داخلي، وتتمثل مهمتها في تنظيم عملية الحصول على المعلومات التي تدبرها الهيئة، من خلال وضع مخطط عمل سنوي وفقا لأحكام القانون، مع الحرص على اتخاذ التدابير التالية:
جرد البيانات المتاحة لـدى الهيئة
فرز هذه البيانات وتنظيمها وتوصيفها وتصنيفها وتحيينها بالتنسيق مع الهياكل المعنية داخل الهيئة
تحديد المعلومات الخاضعة للنشر الاستباقي أو حسب الطلب والاستثناءات وفقا لأحكام المادة 7 من القانون رقم 31-13
وضع وتدبير قاعدة البيانات مع تبيان مصدر المعلومات وطبيعتها
النشر الاستباقي للمعلومات المستوفية لهذا المعيارن وذلك عبر مختلف الوسائل التكنولوجية المتاحة
استثمار وإعادة استخدام البيانات المنشورة
تسهيل عمل المسؤول عن الحصول على المعلومات، لاسيما في علاقاته مع الهياكل التنظيمية المعنية بإنتاج ونشر المعلومات
تنفيذ برامج تكوينية لفائدة الموارد البشرية للهيئة في مجال الحصول على المعلومة
مواكبة وتقديم الدعم للمسؤول عن الحصول على المعلومات، لا سيما من خلال:
تم تفعيل وإرساء منظومة الحصول على المعلومات بطريقة قائمة على إنشاء دورة المعلومات في مراحلها المختلفة بدءا من تحديدها (فيما يتعلق بالمصدر والبيانات) من طرف الهياكل التنظيمية لـلهيئة وصولا إلى معالجتها من قبل المسؤرل عن الحصول على المعلومات أو من ينوب عنه، مروراً بتنقيح قاعدة البيانات المنشأة لهذا الغرض.
تم تقديم المنظومة المذكورة على شكل رسوم بيانية تترجم المسارات المرتبطة بكل واحدة من الإجراءات التي يتم تنفيذها و/أو القرارات التي يتم اتخاذها. وتم تصميم هذه الرسوم البيانية بطريقة متسلسلة ومنظمة لإعادة إنتاج المراحل الخمس التي يتمحور حولها المسارالمرتبط بعمل المنظومة السالفة الذكر. وهي:
تحديد المعلومات، وفق مدلول القانون رقم 13-31.
توصيف وتصنيف المعلومات: يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع من المعلومات: المعلومات التي يتعين نشرها بصورة استباقية، والمعلومات التي يمكن الولوج إليها بشروط والمعلومات ذات الطبيعة الاستثنائية.
وفي هذا السياق، وعلى أساس توصيف/تصنيف المعطيات المتاحة، يتعين على موظفي الهياكل التنظيمية نشر أي وثيقة أو معلومة ذات صلة بالعمل متاحة لديهم بشكل استباقي، في الحالات التي لا تخضع فيها هذه الأخيرة للاستثناءات المنصوص عليها في القانون رقم 13-31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات ولا تخضع للسرية المهنية. ويجب نشر هذه المعلومات في صيغة مفتوحة، بحيث يمكن استخدامها وإعادة استخدامها شريطة أن يتم ذلك لأغراض مشروعة (أنظر المادة 6 من القانون رقم 13-31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات).
وينبغي التأكيد على أن المعلومات التي يمكن الحصول عليها بشروط، بحكم طبيعتها (معلومات حساسة ومعطيات ذات طابع شخصي ومعلومات تتطلب إذنا من طرف ثالث ...)، وحجمها أو وسيلة تخزينها، يمكن أن تخضع لضوابط الحصول على المعلومات، وذلك بالإحالة خلال توصيفها/تصنيفها على شبكة معايير واضحة تحدد كيفيات الحصول عليها، وعند الاقتضاء، الأشخاص المخول لهم الحصول على معلومات معينة.
تنقيح قاعدة البيانات: بمجرد تحديد المعلومات توصيفها وتصنيفها، يتم إدراجها من طرف ممثلي مختلف الهياكل التنظيمية للهيئة في قاعدة بيانات خاصة للحصول على المعلومات تسمى «قاعدة معطيات الحصول على المعلومات». ويتم تنقيح هذه القاعدة باستمرار بجميع أنواع المعلومات (المعلومات التي يتم نشرها بشكل استباقي، والمعلومات التي يمكن الولوج إليها بشروط والاستثناءات).
ويقتضي تحيين هذه القاعدة تعبئة عدد من المجالات المرتبطة بكل نوع من المعلومات. وتحدد هذه المجالات بغية تيسير مهمة المسؤول عن معالجة طلبات الحصول على المعلومات فيما يتعلق بتقديم الإجابات على الأسئلة والطلبات المتوصل بها.
معالجة طلبات الحصول على المعلومات: يتعلق الأمر باستثمارالمعلومات التي أعدتها ووفرتها مختلف المصادر الداخلية عبر القنوات والمساطر المتاحة لهذا الغرض بغية تقديم الأجوبة المناسبة لطلبات الحصول على المعلومات التي توصلت بها الهيئة. وإذا اقتضى الأمر ذلك، يمكن للمسؤول عن الحصول على المعلومات أن يطلب من أي مصدر للمعلومات معني داخل الهيئة تقديم الإيضاحات والإضافات الممكنة اللازمة لمعالجة طلب الحصول على المعلومات.
الاحتفاظ بالوثائق: يتعين على المسؤول عن الحصول على المعلومات السهر على حفظ وتتبع مسار الوثائق المقدمة والمستلمة في إطارأدائه لمهامه. وتتعلق هذه الوثائق أساسا بما يلي:
يعين المسؤول عن الحصول على المعلومات ومن ينوب عنه بقرار لرئيس الهيئة، والذي ينظم شروط وكيفيات اشتغالهما.
ويضطلع هذا الشخص بالمهام الرئيسية التالية:
تلقي طلبات الحصول على المعلومات
تسجيل الطلبات
توجيه مقدمي الطلبات
التحقق من توفر المعلومات المطلوبة
إعداد الجواب النهائي وإخطار مقدم الطلب (بتفويض من الرئيس/الأمين العام)
تصنيف وحفظ الوثائق التي تم إنتاجها في إطار ممارسته لأنشطته
ولدعم عمل المسؤول عن الحصول على المعلومات، أصدر رئيس الهيئة مذكرة بشأن التوجيهات والتعليمات التي من شأنها تيسير عمله داخل الهيئة، وتم تعميمها على الهياكل التنظيمية للهيئة.
يأتي النظام الأساسي الخاص بالموارد البشرية العاملة بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لِيجسد صلاحية الهيئة في وضع نظام وآليات تدبير مواردها البشرية توافقا مع مقوماتها الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري الممنوح لها، من جهة، ولِيُفسح المجال أمامها للتوفر على الكفاءات المناسبة وتَملُّك آليات تدبيرها وتأطيرها بمقتضيات تتلاءم مع متطلبات النجاعة والفعالية في النهوض بالمهام الكمية والنوعية التي أوكلها إليها القانون رقم 19ـ46، من جهة ثانية.
تجاوبا مع هذه الأبعاد المرجعية، جاء هذا النظام مؤطَّرا بمنظور شمولي يستوعب، بالإضافة إلى المقتضيات المنظِّمة للمسار الوظيفي لهذه الموارد، المقتضياتِ المتعارف عليها في تأطير الحقوق والواجبات وتنظيم الوضعيات وإقرار النظام التأديبي، تثبيتا لتكامل هذا النظام وتحصين استقلاليته على مستوى الإعداد والمصادقة، كما جاء مؤسِّسا لإطار وظيفي ينهض على الإعلاء من مبادئ الأداء والإنجاز والتقييم والاستحقاق، تفاعلا مع خصوصيات المهام المخولة للهيئة والمستلزمات المنتظرة من مواردها البشرية للاضطلاع بها بالكفاءة المطلوبة. ويروم وضع هذا النظام الأساسي خلق إطار ذي جاذبية، محفز وضامن لخلق شروط جلب الكفاءات وتنمية الطاقات ومواكبة بروز مهارات وخبرات متطورة قادرة على مواجهة التحديات التي تفرضها مهام الهيئة.
على هذا الأساس، استهدف هذا النظام في قسمه الأول الخاص بالموارد البشرية من خارج صنف المأمورين، إرساءَ منظومة تدبيرية في التوظيف والترقية والتقييم، مستجيبة لاحتياجات الهيئة الموضوعية من تنوع الكفاءات، ولضرورة سد خصاصها، كميا ونوعيا وآنيا، لمواجهة تطور وتَجدُّد مِهن الهيئة ووظائفها، بالنظر، من جهة، لطابعها الأفقي الذي يرتبط، بشكل خاص، بمهام الإشراف والتنسيق وتتبع التنفيذ والنهوض بالحكامة، واعتبارا، من جهة ثانية، لطابعها التنفيذي الذي يهم على الخصوص القيام بأعمال التواصل والتوعية والتكوين، والمساهمة في تتبع تنفيذ الاستراتيجيات والبرامج، وإعداد ونشر التقارير والدراسات؛ وكلها اعتبارات دفعت في اتجاه تبني هذا النظام الأساسي لاختيارات تنظيمية توفر للهيئة مساحات مهمة من التدبير المعقلن للمناصب الوظيفية، والقدرة على تنظيم حركيتها وإعادة توزيعها، وملاءمة منظومة تقييمها وفقا لمعايير أداء قابلة للقياس، وترقيتها ومكافأتها اعتمادا على مخرجات إنجاز ملموس يتوخى الموضوعية والتحفيز على المثابرة والاجتهاد.
وبالنسبة للصنف الثاني من الموارد البشرية للهيئة والمتمثل في فئة المأمورين، فقد أفرد لهم هذا النظام، تنزيلا لمقتضيات القانون رقم 46.19، قسما خاصا يضبط وضعيتهم النظامية؛ بما يتناسب، من جهة، مع ما هو منتظر منهم من مهام ذات علاقة بدراسة الشكايات والتبليغات والقيام بالأبحاث والتحريات وإنجاز المحاضر، ويتلاءم، من جهة ثانية، مع مركزهم القانوني الذي ثبَّته لهم القانون المشار إليه؛ حيث أقرَّ لهم هذا النظام حقوقا ورتب عليهم واجبات منسجمة مع طبيعة وخصوصية مهامهم، مُعتمِدا مسارا وظيفيا ينهض على الإنجاز والأداء والمردودية والحماية والرقابة الواجبة لضمان حقوق المعنيين بتدخلهم؛ بما يستجيب لمتطلبات العمل الميداني والوثائقي والاحتكاكي والمحفوف بالمخاطر.
كل هذه المعطيات تُبرز أهمية هذا النظام، باعتباره يتجاوب مع تَميُّز مهام الهيئة واختصاصاتها الدستورية والقانونية، خاصة ذات الصلة بمهام التوجيه الاستراتيجي لسياسة الدولة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته، والتعبئة المجتمعية لمنع الفساد، والمهام المنوطة بالمرصد وبجهاز المأمورين المطالب بتنظيم والقيام بإجراءات البحث والتحري وإنجاز المحاضر، إضافة إلى مهام الإشراف والتنسيق وتتبع التنفيذ والتقييم؛ وكلها مهام تظل نجاعتُها وفعاليتها رهينة بنظام أساسي ينهض على الاستهداف والأداء والإنجاز الذي يَكفلُه إقرار معايير موضوعية لاستقطاب الكفاءات وتطويرها وضمان شروط الأريحية في عملها وتقييمها ومتابعة إنجازها وتثمين قدراتها، في ظل مساحة موضوعية من الاستقلالية الضامنة لسلطة التصرف وإدارة هذه المنظومة.